من التسويق على فيسبوك إلى تيك توك: هل الكبار خسروا اللعبة؟
مقدمة: تحولات غير متوقعة في ساحات التسويق الرقمي
قبل سنوات قليلة، كان فيسبوك المنصة الذهبية للمسوقين والشركات التي تسعى للوصول إلى جمهورها بسهولة وبأقل تكلفة. لكن مع صعود تيك توك وتغير أنماط استهلاك المحتوى، تغيرت قواعد اللعبة تمامًا. نشهد اليوم جيلًا جديدًا يهيمن على منصات مختلفة، وأساليب تسويق مختلفة، بينما يشعر الكثير من "الكبار" في عالم التسويق بأنهم يركضون خلف القطار الذي انطلق بالفعل. فهل فعلاً خسر الكبار اللعبة؟ وما هي أسباب هذا التحول؟ وهل يمكنهم العودة أو التكيف مع الواقع الجديد؟
1. فيسبوك: الملك السابق وسوق الكبار
فيسبوك، بحكمته الطويلة وانتشاره الواسع، كان المنصة المفضلة لدى الشركات والمسوقين منذ عام 2010 تقريبًا وحتى منتصف العقد الماضي. ميزات فيسبوك مثل إمكانية استهداف الجمهور بدقة، أدوات التحليل المتقدمة، ومنصة إعلانية متكاملة، جعلته ملعبًا احترافيًا يناسب أصحاب الأعمال الكبيرة والمتوسطة.
- كانت الحملات الإعلانية على فيسبوك مُصممة بعناية لاستهداف شرائح عمرية متنوعة.
- سهولة إنشاء صفحات للشركات وبناء علاقات مع العملاء.
- استخدام محتوى طويل ومتوازن يناسب جمهور 25 سنة وأكثر.
لكن مع التغيرات الديموغرافية والتحولات التقنية، بدأت معدلات التفاعل مع فيسبوك لدى جيل الشباب تنخفض، مما أظهر الحاجة للبحث عن منصات أخرى.
2. تيك توك: ثورة الفيديو القصير وجيل زد المتطلب
تيك توك لم يكن مجرد تطبيق فيديو عابر، بل ظاهرة غيرت طريقة استهلاك المحتوى. جيل زد، الذي يمثل الغالبية في المستخدمين، يبحث عن محتوى سريع، مرح، أصيل، وقصير. هذه المواصفات شكلت تحديًا كبيرًا للكبار في عالم التسويق المعتاد.
- المحتوى القصير لا يسمح بالتفصيل أو الاستطراد الطويل.
- يتطلب مهارات إنتاجية مختلفة، مثل الفهم العميق للترندات والذكاء العاطفي.
- الأسلوب غير الرسمي والعفوي يهيمن على المحتوى ويكسر الحواجز التقليدية.
هذا الأمر جعل كثيرًا من المسوقين الكبار يشعرون أنهم أمام ملعب جديد غير مألوف، يحتاج إلى إعادة تعلم وتكيف سريع.
3. لماذا الكبار يشعرون أنهم خسروا؟
الشعور بالخسارة ليس بسبب عدم وجود موارد أو خبرة، بل بسبب عدة عوامل متداخلة:
- مقاومة التغيير: الاعتماد على الأساليب التقليدية على فيسبوك أو منصات أخرى جعلهم أبطأ في التكيف مع المتطلبات الجديدة.
- فجوة الفهم الثقافي: المحتوى الذي يتفاعل معه جيل زد يختلف جذريًا، سواء في اللغة، الأسلوب، أو القيم.
- السرعة العالية للترندات: تيك توك يتحرك بسرعة هائلة، والكبار يجدون صعوبة في مواكبة هذا الإيقاع.
- التركيز على المحتوى البصري البسيط: المحتوى المعقد أو الإعلاني المكرر يفشل في جذب انتباه المستخدمين الجدد.
4. كيف يمكن للكبار استعادة موقعهم أو التكيف؟
لا شيء مستحيل، الكبار لديهم مزايا مثل الخبرة، الموارد، والفهم العميق للسوق، لكن عليهم إعادة تشكيل استراتيجياتهم:
- التعلم المستمر: الاستثمار في فهم المنصات الجديدة وثقافات المستخدمين الشباب.
- الشراكة مع صناع المحتوى الشباب: التعاون مع مؤثرين جدد يمكن أن يفتح أبوابًا جديدة.
- التركيز على الأصالة: المحتوى الصادق والعفوي أكثر تأثيرًا في تيك توك من الإعلانات التقليدية.
- تجربة أساليب تسويق جديدة: مثل تحديات تيك توك، المحتوى التفاعلي، أو الفيديوهات القصيرة الإبداعية.
- استخدام البيانات والتحليلات: لفهم ما يجذب الجمهور الجديد بسرعة وتحسين الحملات الدعائية.
5. الخلاصة: اللعبة ليست خاسرة بعد
قد يشعر كبار المسوقين بأنهم خسروا معركة فيسبوك، لكن الحرب على قلوب وأذهان المستخدمين لم تُحسم بعد. القدرة على التكيف، التعلم، والابتكار يمكن أن تعيدهم إلى ساحة المنافسة بقوة. تيك توك ليس فقط منصة فيديو، بل هو تعبير عن ثقافة جديدة يتعين على الجميع فهمها، وليس فقط تخطيها.
إن تحدي التسويق لجيل زد هو فرصة عظيمة للتجديد والابتكار، لمن يملك الجرأة لتجربة الجديد وإعادة تعريف قواعد اللعبة.