لماذا تستقيل الكفاءات؟ الأسباب العميقة لاستنزاف المواهب العربية
عندما تستقيل الكفاءات، لا يغادر الموظفون فقط... بل ترحل سنوات من الخبرة، والمعرفة، والولاء. فلماذا يحدث ذلك؟ ولماذا تتسرب العقول العربية من بين أصابع الشركات كالماء؟
1. غياب التقدير: الموظف ليس آلة
أحد أكثر الأسباب شيوعًا لاستقالة الكفاءات هو الشعور بعدم التقدير. عندما يُعامل الموظف وكأنه ترس صغير لا يُرى في آلة عملاقة، تبدأ جذور الاستقالة في النمو داخله، حتى وإن بقي جسده على المكتب.
- الإدارة لا تستمع.
- الإنجازات تمر مرور الكرام.
- الترقيات تُمنح وفقًا للولاء لا للجدارة.
2. الرواتب والامتيازات: الفجوة بين العطاء والعائد
في كثير من المؤسسات العربية، لا تزال الرواتب تحدد وفق معايير قديمة، لا تعكس كفاءة الموظف ولا إنتاجيته. النتيجة؟ الموظف يرى فرصًا أكثر عدالة خارج الحدود.
- عدم وجود هيكل رواتب تنافسي.
- غياب الحوافز الحقيقية.
- رفض التفاوض أو المكافآت على الأداء المتميز.
3. الثقافة المؤسسية: بيئة العمل السامة
البيئة التي يسود فيها الخوف، المحاباة، أو الفوضى، لا يمكن أن تكون حاضنة للكفاءات. الكفاءة تحب الوضوح، العدل، والأمان النفسي.
- مديرون يفتقرون للذكاء العاطفي.
- تغييب الشفافية في القرارات.
- إرهاق مستمر دون داعٍ.
4. انعدام التطوير المهني: الجمود قاتل
عندما لا يرى الموظف طريقًا للتطور، يبدأ في البحث عن مكان آخر يتيح له النمو. الموظف الطموح لا يقبل بالركود.
- غياب برامج التدريب والتأهيل.
- ندرة فرص الترقية الفعلية.
- مؤسسات ترى التعليم المستمر رفاهية.
5. فقدان المعنى: لماذا أعمل؟
الجيل الجديد من الكفاءات يبحث عن غاية، عن أثر، لا مجرد راتب آخر الشهر. وعندما تغيب الرؤية، تبهت الحماسة.
- انفصال أهداف الشركة عن قيم الموظف.
- غياب التحديات المثيرة فكريًا.
- شعور الموظف أنه مجرّد منفذ لا مساهم.
6. الفشل في الاحتواء بعد التوظيف
الكثير من الشركات تبذل جهدًا ضخمًا لجذب الكفاءات... ثم تهملها بعد التوظيف، فتخسرها بنفس السرعة التي كسبتها بها.
- غياب خطط الإندماج الوظيفي.
- إدارة تفترض أن الموظف سيتعلم كل شيء بنفسه.
- عدم وضوح الأدوار والتوقعات.
ما الذي يمكن فعله؟
الحل لا يكمن في رفع الرواتب فقط، بل في إعادة النظر في فلسفة العمل نفسها. الكفاءة تُعامل كإنسان، لا كأداة.
- بناء ثقافة احتواء وتقدير.
- إدارة تشاركية وإنسانية.
- خلق فرص نمو حقيقي، وتحديات مثرية.